سلايدرمقالات الرأى

دينا حسين تكتب .. للديمقراطية عدة وجوه

 

وسط خوف العالم من تفشي فيروس كورونا، وتشديد الإجراءات الاحترازية، لمكافحة الفيروس التاجي، اندلعت مظاهرات بالولايات المتحدة الأمريكية. الدولة الأكبر في عدد الوفيات إثر الإصابة بكوفيد 19

قصة مكررة، لكنها تكشف سقوط مساحيق التجميل عن وجه الإدارة الأمريكية الحالية، بعدما سقطت تاريخيًا أكثر من مرة تارة في هيروشيما، وأخرى في فيتنام. وثالثة بسجن أبوغريب. لا تزال ضحاياه يعالجون نفسيًا من أمراض الغل والقسوة والتعذيب على أيدي الجنود الأمريكان.

استوقف “ديريك شوفين” شرطي أمريكي قلبه كالحجارة أو أشد قسوة، اربعيني “جورج فلويد”، بولاية مينيسوتا.

دخل جورج لسوبر ماركت، وأعطى البائع 20 دولار، فأبلغ البائع الشرطة، بحجّة أن الأموال مزورة.

أثناء القبض على الرجل، وضع الشرطي ركبته على رقبة الرجل حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، كان الرجل مُكبل اليدين، ومُلقى على الأرض.

صوت الرجل وهو يحتضر، “لا استطيع التنفس I can’t breath”  أثار الكثير من التساؤلات مع إثارته للمشاعر والاستياء في نفس الوقت.

ماهي ضوابط الضبط القضائي للمشتبه بهم، لأن “فلويد” لم يكن مجرمًا، بل مجرد شخص مشكو في حقه ولابد أن يأخذ التحقيق العادل مجراه؟

ما هي حدود التعامل المتاحة للضابط مع المشتبه بهم؟

هل اشتباه الضابط في مواطن أعزل يبيح له قتله؟

كل هذا والمشهد به ضباط ثلاثة آخرين، اكتفوا بالصمت باعتبار أن المشهد لم يكن خطيرًا بما يكفي لينتبهوا، أن زميلهم تجاوز الخط الاحمر. وربما يتحول من رجل يعمل على إنفاذ القانون إلى قاتل!

الحادث كان من الممكن أن يعبر سهوًا في الولاية التي شهدت الواقعة، لولا مظاهرات الغضب العارمة التي اندلعت فور انتشار المقطع المصور، لتكشف الوجه الآخر المخزي الفاضح للسياسة للإدارة الأمريكية، وتعكس ثقافة رئيسها الحالي صاحب تصريح حقن مصابي فيروس الكورونا بالمطهرات، والذي زاد الطين بلة، عند سماعه بحدوث فوضي المظاهرات، فقال: “عندما يبدأ النهب، يبدأ إطلاق النار” “When the looting starts, the shooting starts”

نحن أمام رئيس أكبر دولة في العالم، طالما صدعتنا بالحقوق والمثل والمباديء والقيم، وتبنت قضايا افتراضية، وأدلت بدلوها فيها وأصدرت الاحكام، فشردت أطفال وهجرتهم من بلادهم وأعدمت رؤساء.

الجملة ولسوء حظ ترامب أول من أطلقها كان رئيس شرطة بميامي، وكانت المناسبة قمع مظاهرات لأصحاب البشرة السمراء منددين بالعنصرية قبل ما يزيد عن نصف قرن.

أصحاب البشرة السمراء ــ والقلوب البيضاء ــ وقفوا ضد العنصرية، حتى رفعت سيدة ستينية لافته كتبت عليها، لا أصدق أني بهذا العمر ولازلت مضطرة للخروج للتعبير عن رفضي لهذه الهمجية.

تصريحات ترامب باستخدام القوة، ومشاركة الجيش الأمريكي في قمع التظاهرات، زادت الأمور اشتعالًا، ووصلت المظاهرات إلى ما يزيد عن 12 ولاية حتى الآن. وخرجت الأمور عن السيطرة في بعض الولايات وحدثت أعمال شغب وسرقة للمتاجر الكبرى.

فرضت الولايات المتحدة الامريكية حظر التجول، لتفرض سيطرتها الأمنية على الولايات الغاضبة، ولم يعترض أحد، أطلقت الشرطة قنابل الغاز على المتظاهرين، وأوسعوهم ضربًا، ولم يتحدث ترامب عن حقوق الإنسان

الولايات المتحدة الأمريكية دعمت جماعات للوصول إلى الحكم، وصنفت سياسات مشبوهة كمعارضات مشروعة، كل ذلك تم تحت زعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن خلال أذرع سياسية ظاهرها جمعيات حقوقية، ومراكز للديمقراطية، وباطنها مصالح سياسية.

وجاء مشهد المواطن البسيط “جورج فلويد” المسالم الأعزل بولاية مينيسوتا، ليفجر الاحداث التي أراد الله أن تظهر الوجه الحقيقي للديمقراطية التي طالما زايدت بها الولايات المتحدة على العالم.

لست قطعًا مع ضرب أو إهانة أي إنسان أو متظاهر في أي دولة، وأؤيد منح المظلومين فرصة للتعبير عن ألمهم، وشكواهم. لكن المقارنة المقصودة هنا كشف زيف الولايات المتحدة التي تحدثنا عن حقوق المثلية الجنسية، وتسحل أصحاب البشرة السمراء، ترفض عقوبة الإعدام، بينما توسع شعبها ضربًا في الشوارع. تعترض وتبدي قلقها من تفريق مظاهرة هنا أو هناك بينما تطلق قنابل غاز على المتظاهرين حتى نُصاب باختناق ونحن نُشاهد الفيديوهات.

يحدث هذا بينما مصر مستمرة في حربها ضد الإرهاب الشرس الممول علي حدودها، وتخوض معارك ضد ميليشيات مأجورة مدعومة بتسليح ثقيل، تحاربهم مصر لحماية المنطقة العربية كلها .

وطوال هذه المعارك لم يحدث مرة واحدة أن شاهد العالم أي من هذه المشاهد، حتي بالرغم من شغف تلك الميليشيات الرخيصة بالعنف والتمثيل بجثث من يقتلون وتصويرها، لكن تبقي المباديء الشريفة وسيادة القانون هم لوائنا بلا مزايدات ولا تجارة .

حفظ الله مصر بإدارتها العظيمة الواعية، وجيشها الشجاع وتاريخها العريق.

يجب أن نسأل أين الديمقراطية وحقوق الإنسان؟، من ينبغي أن يطلق عليه دولًا نامية، وعالم ثالث. من يطلق التصريحات، ويسمح بتطبيق سياسات القمع والظلم التي حذر منها؟

لو طبق حكام الولايات المتحدة، ما يحاولون إملائه على البشرية لطبقته منذ زمن بعيد، لكن فاقد الشيء لا يعطيه .. أو هكذا تعلمنا دروس التاريخ والحاضر!

دينا حسين إعلامية ومقدمة برامج بقناة Nile tv بالتلفزيون المصري

اقرأ أيضًا 

رئيس الوزراء للمحافظين: يجب استقبال كل الحالات بالمستشفيات وأرقام المصابين ستزيد

الصحة: سنتوسع في العزل المنزلي و56% من الحالات المتوسطة تدخل الرعاية المركزة

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى