مقالات الرأىسلايدر

سعيد شحاتة يكتب: المدهش.. سمير سعيد الضاحك العنيف

سعيد شحاتة يكتب لموقع نُساعد: المدهش.. سمير سعيد الضاحك العنيف

عرفت سمير سعيد هذا الشاب الجميل الذي يرى العالم بقلبه أثناء دراستي لمسرح في كلية الآداب، جامعة القاهرة.

سمير حاصل على ليسانس آداب قسم لغة عربية من جامعة عين شمس، وقرر أن يكمل دراسات عليا، فالتحق بدبلوم المسرح بكلية الآداب جامعة القاهرة… عندما رأيته للوهلة الأولى دهشت… لكنني كنت مؤمنًا بإرادته بشكل عجيب، فأسلوبه مختلف، طريقته في دخول المحاضرة وحدته في الرد على المحبطين، وقدرته على تحديد المسافة التي يمشيها ناظرًا بعصاته إلى البعيد، عصاته، صاحبته في مشواره المضيء، وعينه التي يرى بها في الطرق المعتمة…

عرفته فشعرت بفخر وتحدٍّ وعزيمة… لأني تعرفت على مقاتل، يعرف جيدًا ما الذي يريده من الحياة، شخص رافض أي شيء يمكن أن يمنعه من الوصول لهدفه…

سمير حارب بكل قواه، حارب ظروفه، ومجتمعه والكلمات القاتلة من المحبطين القتلة، واستمر، واستكمل، ونجح، وتخطى حاجز الدبلومة بمهارة… وقرر أن يكمل دراسات عليا بعد تخطيه حاجز المسرح الصعب… لأنه عنده من التحدي ما يكفيه لهدم جبل… فلا توجد لديه خطوط حمراء ولا صفراء ولا قرمزية، ولا يعترف في الحياة إلا بالسير في هذه الطرق الوعرة… لا تربطه أي علاقة باليأس ولا بالإحباط ولا بالمحبطين… ولايريد أي شيء من أحدهم… لأن هناك هدفًا وضعه لنفسه وقرر تحقيقه مهما كانت الصعوبات والتحديات… وخط سير يمشي عليه مهما كانت وعورته، وأملاً يدفعه دفعًا نحو ما يريد…

كنا كلما طلب منا بحث أذهب معه إلى المكتبة المركزية بالجامعة لطباعته بطريقة برايل… طبعًا بمجرد دخولنا قاعة طه حسين حتى خروجنا ونحن نعامل بطريقة حسنة تحسب لموظفي هذا المكان الطاهر، وسمير يعاملني وكأني في بيته… لا يمكن أن أدخل معه قاعة طه حسين ولا يعزمني على مشروب ما، أيًا كان هذا المشروب، ولا يمكن أن أقف على قدمي.. لازم يجيب لي كرسي ويقعدني ويطلب لنا مشاريب على حسابه… فأنا هنا أعامل ضيفه، وهو كريم جدًّا في أمور الضيافة..
بعد أن يطبع البحث بطريقة البرايل آخذه منه لأقراه بطريقته، لكنني لا أرى بأصابعي كما يرى هو، يضحك ويظل يشرح لي البرايل إلى أن يمل من الشرح وأضج أنا بعمى أصابعي، فلا يمكنني أن أرى كما يرى هو…

اقرأ أيضًا:

أحمد صبري شلبي يكتب: لا تقصص رؤياك على إخوتك
د. منال حسنة تكتب: عندما يصاب الامبراطور بإعاقة
طارق عباس يكتب: بصير لم يهزمه الزمن

 

سمير شخص نقي، يراهن على الحب والجمال والنية السليمة ويرى ويتابع ويمشي بقلبه وكل ما يريده هو أن يجد من يسمعه… عنده كلام كثير قوي كغيره ممن هم على شاكلته، كلام يجب أن يُسمع لأن حقه هو وزملائه مهدر بالفعل نتيجة التعنت والجهل في بعض الأحيان… هذا هو المتن الحقيقي الذي نهمشه من أجل الإعلاء من التفاهات، سمير وحسين أحمد الشاب الجميل الذي سأكتب عنه.. وغيرهم كثر هم هذا المتن المهمش…

في إحدى المرات أصابه الضيق الشديد لأنه طلب محاضرات من زميلة ونسيت أو تغافلت أو تجاهلته… ففوجئت به يدخل المحاضرة التالية بأداة كتابة برايل وقرر يكتب المحاضرة بيده، تابع الدكتور بدقة متناهية، لكن للأسف كلام الدكتور كان أسرع من آلة البرايل التي يكتب عليها… ضاق عليه الخناق، وحزن بشدة.. لكنه لم يتراجع، وقرر يكمل ويسبق (حاجات كتيرة)…

كان سباقًا إلى سوق الأزبكية، ومكتبات وسط البلد، فكلما طلب منا كتاب أخرجه من جعبته… وكأنه ساحر مثلاً…

أكثر الأوقات التي يمكن أن تشعر فيها بالإرهاق الشديد وأنت تقطع معه أسواق الملابس عندما يقرر شراء شيء… ما بيعحبوش العجب… لكنه في النهاية يختار الأجمل… ويا سلام لو دخلت معاه مكتبة… عليك أن تقرأ له كل العناوين التي أمامك أو التي تصادفك على الأرفف، ورغم هذا لا يطمئن لك،فيمد يده بشكل عشوائي على أي كتاب ويقول لك: إيه ده…
ولو كان عنوانًا مختلفًا عن العناوين التي قرأتها له يتضايق بشدة، على اعتبار إنك بتشتغله مثلاً…

سمير اتظلم في شغله كتير قوي… وأرغم أكتر من مرة على ترك وظيفته بسبب متواطئين ومتآمرين عليه… لما يحكيلي عن شغله بحس إنه مهزوم قوي ودي اللحظة الوحيدة اللي بيبقى مهزوم فيها فعلاً… لكنه بيبقى عنيف قوي وهو بيحكي من كتر الظلم اللي اتعرض له، بيحكي وهو بيضرب الهوا بالعصا اللي في إيديه وكأنه بينتقم من اللي ظلموه، سألت كذا مرة عن التعيينات الخاصة بيهم.. لكنهم قفلوها وما بيعلنوش عنها دلوقت للأسف الشديد…

حتى القنوات اللي ممكن تطرح مشاكلهم ما عدهاش وقت تبعت لهم حد أو تستضيفهم يمكن يكون في حلول حقيقية تمكنهم من التعايش مع المجتمع بشكل أكثر سهولة… قنواتنا مش فاضية للناس الجميلة دي للأسف… لأنها مشغولة بتفاهات…

الناس دي لازم تشتغل شغلانة محترمة ما حدش يضايقهم فيها… وسمير لازم ياخد حقه هو واللي زيه…

سعيد شحاتة

سعيد شحاتة يكتب: المدهش.. سمير سعيد الضاحك العنيف

سعيد شحاتة يكتب: المدهش.. سمير سعيد الضاحك العنيف
سعيد شحاتة يكتب: المدهش.. سمير سعيد الضاحك العنيف

لمتابعة موقع نُساعد :

آخر الأخبار اضغط هنا
حساب الفيسبوك اضغط هنا
حساب تويتر اضغط هنا

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى