سلايدرمقالات الرأى

إسلام عزام يكتب .. الجمهورية الجديدة

 

 (1) الجمهورية الجديدة 

“ميلاد دولة جديدة، بافتتاح العاصمة الجديدة .. إعلان جمهورية ثانية”. السيسي خلال احتفالية يوم الشهيد، قبل أن تدوي القاعة بالتصفيق. ويتابع الرئيس “إحنا مش سايبين القاهرة ولا الإسكندرية، بنتحرك في القديم والجديد مع بعض عشان يليق بينا كمصريين .. الموضوع مش مباني بس، وبقول تاني هنعلن فيه إعلان الجمهورية الجديدة”

صاحب كلمة السيسي احتفاء وسائل الإعلام ــ لأسباب مجهولة ــ بإعلان الجمهورية الجديدة، بينما تشي الأرقام والواقع بأكثر من الاهتمام بفكرة تدشين المصطلحات دون مراعاة الأمر الواقع.

في منتصف فبراير الفائت، تحدث السيسي خلال افتتاح عدد من مشروعات الصحة قائلًا: “من حق الناس تعبر عن رأيها وتعترض، لكن لابد وأن يكون الهدف من التعبير عن الرأي والمعارضة السياسية هو تحسين أحوال الناس وحياتهم، وليست المعارضة من أجل المعارضة”.

الحق في المعارضة، وتبني وجهات نظر مختلفة مع النظام حول آلية الإدارة، وترتيب الأولويات، ومناقشة معايير محددة لآلية الإنجاز. أول أبجديات الجمهورية الجديدة.

في روايته الأشهر “يوتوبيا” جمع الرائع الراحل أحمد خالد توفيق في بين التوقع والمعرفة، تأمل آفاق مصر الخالدة، التي قرأها الراحل جمال حمدان بمقولة “عبقرية المكان”.

في هذا المستقبل تنهار الحكومة نهائيًا ــ بحسب خيال الكاتب والرواية ــ ويهجر الأثرياء ورجال الأعمال وادي النيل كله، ويبنون لأنفسهم مستعمرة في الصحراء.

(2) الجمهورية الجديدة ومستقبل التعليم

هل يمكن تخيل مستقبل التعليم في الجمهورية الجديدة وسط تكدس الفصول، وغياب الرؤية لمنظومة التابلت العجيبة التي يصر وزير التربية والتعليم، هل يمكن مناقشة تغول الجامعات الأهلية بمصروفاتها الخيالية وسط تناسي تطوير الجامعات الحكومية؟

بناء الإنسان وتطوير قدراته، جزء من أي تغيير للأفضل، الأوطان ببساطة تبنى بالشعوب وللشعوب.

“لا أعرف.. يشبه الأمر مراقبتك للشمس ساعة الغروب.. لا تعرف أبدا متى انتهى النهار وبدأ الليل.. متى بهت الضوء وبردت الأشياء.. ومتى تسرب دم الشفق الأحمر يلوث الأفق، ولا متى ساد اللون الأرجواني كل شيء.. لا يمكنك أن تمسك لحظة بعينها.. ليس بوسعك أن تقول: هنا كان النهار وهنا جاء الليل” من رواية الراحل أحمد خالد توفيق “يوتوبيا”.

(3) الجمهورية الجديدة والاقتصاد المصري

تحمل المصريون الكثير خلال سنوات الإصلاح الاقتصادي التي لا نعرف متى تنتهي ونبدأ في جني ثمارها الكثير، تضاعفت أسعار السلع، زادت تعريفات وسائل المواصلات، بدأت خطة رفع الدعم عن الكهرباء والمياه. تحمل الجميع على أمل حدوث زيادة مناسبة في المرتبات والمعاشات. لكن الزيادة دائمًا تلتهمها زيادة الفواتير والرسوم.

ملف إدارة الاقتصاد المصري غير مفهوم، سياسة الاقتراض تثقل كاهل الدولة بفوائد لا طاقة لنا بها، استمرار الاقتراض يشي بكارثة.

هل يمكن مناقشة تحول الاقتصاد المصري من اقتصاد ريعي يعتمد على السياحة إلى اقتصاد إنتاجي يعتمد على توطين الصناعة واستغلال موارد مصر في التصنيع.

إجراءات الحكومة تسير في اتجاه معاكس، غلق مصنع حلوان نموذجًا.

أرقام الديون تسجل ارتفاعًا مخيفًا، بحسب بيانات البنك المركزي ارتفع الدين الخارجي ليصل إلى 125.337 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، الدين الداخلي وصل إلى 270 مليار دولار.

هل لدى الحكومة والجمهورية الجديدة تصور ما؛ لوقف نزيف القروض وتسديد هذه الديون؟

“بالطبع لا تفهمان شيئا عن الوضع الذي صرنا إليه.. لكني أكره ألا أخبركما بكل شيء.. الصورة التي تريانها كانت موجودة منذ البداية لكن بشكل غير واضح، ثم تضخمت شيئًا فشيئًا.. يصير الأغنياء أغنى والفقراء أفقر، ثم تأتي لحظة يحدث فيها الانهيار.. ويبدو لي أن هذا حدث في عشر السنوات الأولى من هذا القرن.. فجأة انهار السد.. لم تعد السياحة قادرة على إطعام هذه الأفواه”. من رواية الراحل أحمد خالد توفيق “يوتوبيا”

(4) الجمهورية الجديدة وحقوق الإنسان

في الجمهورية الجديدة يأمل المصريون في الظفر بحقوقهم، أجور عادلة وحياة كريمة. ومعاملة لائقة في القطاعات الخدمية، وفي أقسام الشرطة.

في الجمهورية الحالية، ندفع ثمن الكهرباء، والغاز والبنزين بالسعر العالمي، وندفع الضرائب، هل يمكن أن تزيد الحكومة الأجور لتصل للحد الأدنى العالمي؟

مناقشة تكاليف عملية جراحية لمريض ما أمر في غاية الصعوبة، تدبير المصروفات الدراسية لطلاب المدراس عملية شاقة تحتاج ترتيب وجمعيات، تجهيز فتاة للزواج يحتاج إلى خطط. هذا الجهد، وتلك المصاعب تحتاج مساحة من الاهتمام الحكومي.

تحدد الحكومة الحد الأدنى للمرتبات بـ 2000 جنيه شهريًا، بينما تصل أقل أقساط الوحدات السكنية التي تسلمها الحكومة بعد ثلاث سنوات، إلى ثلثي هذا المبلغ.

هذه الفجوة بين الأجور، والمتطلبات الأساسية للحياة تستحق أن تكون محور اهتمام ومناقشة في الجمهورية الجديدة.

“فقط أذكر أن الأمور كانت تسوء بلا انقطاع.. وفي كل مرة كان الفارق بين الوضع أمس واليوم طفيفًا، لذا يغمض المرء عينه كل ليلة وهو يغمغم: أهي عيشة.. ما زالت الحياة ممكنة.. ما زال بوسعك أن تجد الطعام والمأوى وبعض العلاج.. إذن ليكن.. ثم تصحو ذات يوم لتدرك أن الحياة مستحيلة، وأنك عاجز عن الظفر بقوت غد أو مأواه.. متى حدث هذا؟ تسأل نفسك فلا تظفر بإجابة..” من رواية الراحل أحمد خالد توفيق “يوتوبيا”.

(5) الديمقراطية والإعلام والمجالس النيابية

بدون إرادة سياسية من صانع القرار، لن تكون هناك انتخابات حقيقية.

لن يطبق مبدأ فصل بين السلطات، وبالتالي لن توجد مجالس نيابية تراقب أداء الحكومة وتناقش البيانات والأرقام بشفافية دون مواربة.

نحتاج إلى هذا بشدة في الجمهورية الجديدة.

كلمة السر في الجمهورية الجديدة، السماح بإقامة انتخابات حرة ونزيهة في كافة القطاعات والنقابات.

انتخابات المحليات معطلة دون أسباب مُعلنة على الأقل. آلية إدارة الانتخابات للمجالس النيابية خطر على الجمهورية الجديدة والقديمة.

بدون انتخابات حقيقية، وحرية إعلام تتابع وتراقب وتشير إلى الأخطاء، لن تكون هناك جمهورية جديدة.

دون إعلام يناقش ويحلل ويتابع وينحاز إلى المواطن بدلًا من أن ينقل بيانات كربونية دون تحليل مضمونها، ومقارنة أرقامها وتفاصيلها بالأمر الواقع. لن تكون هناك جمهورية جديدة.

لنا مستقبل نريد أن نشارك في صناعته، نملك أحلام نريد تحقيقها، لنا حق في المعارضة والنقد بموضوعية كما طلب الرئيس.

هل يسمعنا أحد؟، وتكون بداية حوار حقيقي في الجمهورية الجديدة؟

“عندما تشم رائحة الدخان ولا تنذر من حولك، فأنت بشكل ما ساهمت في إشعال الحريق”. من رواية الرائع الراحل أحمد خالد توفيق “يوتوبيا”.

لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر  google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا  وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا 

اقرأ أيضًا 

تخريد السيارات .. شروط الإحلال والخطوات والإجراءات

موعد مباراة النادي الأهلي وفيتا كلوب بدوري أبطال إفريقيا 2021

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى