سلايدرمقالات الرأى

إسلام عزام يكتب .. الفجوة بين قرارات الحكومة والتطبيق لمواجهة كورونا

 

بدأت الحكومة تطبيق غرامة عدم ارتداء الكمامات في المواصلات العامة، ورغم ضرورة الإجراء وأهميته. كان التطبيق بشكل روتيني لا يتناسب مع الأزمة، انتشرت صورًا لدوريات أمنية تُنزل الركاب من مخالفي ارتداء الكمامات وتوقع عليهم غرامة تصل إلى أربع آلاف جنيه.

قبل عامين تقريبًا، فعلت شرطة دبي خدمة جديدة لسائقي السيارات على الطرق، وذلك من خلال تحذيرهم بقرب تجاوز السرعات. الهدف هنا ليس تحصيل الغرامة، لكن الأهم تنبيه السائق وتقليل الحوادث.

الأصل أنَّ العقوبة في حد ذاتها ليست هدفًا، ولكن حماية المواطن الهدف الأسمى من تشريع أي قانون أو إقرار أي عقوبة. كان الأفضل أن يتم بيع الكمامات في الأيام الأولى لتطبيق الغرامة. وسيساهم الأمر في إحساس المواطن بالمسؤولية، فضلًا عن عدم توافر الكمامات في أماكن كثيرة. وارتفاع أسعارها في أماكن أخرى. وسط غياب تام للحكومة عن الأزمة.

الأصل في القانون أيضًا أنه مجرد، وينطبق على الجميع، لكن مسألة انتقائية التطبيق عمومًا تفتح الباب أمام عدم الالتزام، بمنطق “اشمعنى فلان”، المُعلن أن تنظيم الأفراح والحفلات ممنوع، ورغم ذلك نظمت شقيقة أحد النجم محمد رمضان حفل زفاف، ونفى العريس خبر القبض عليه، مؤكدًا أنه دفع غرامة أربع آلاف جنيه.

تساوت عقوبة مواطن لا يرتدي كمامة ــ قد لا يملك ثمنها ــ بعقوبة تنظيم تجمع لعشرات وربما مئات الأشخاص. في تشابه العقوبتين منطق غائب، ورؤية مرتبكة للحكومة.

الأمر الآخر الذي يكشف هذا الارتباك، الحديث عن ذروة تفشي كوورنا في مصر، خرجت أربعة تصريحات لمسؤولين رسميين عن التوقيت. التصريح الأخير كان لوزيرة الصحة نفسها وقالت إننا لا نعرف توقيت ذروة تفشي المرض، قبلها بيومين قال الدكتور عوض تاج الدين أن ذروة تفشي الفيروس التاجي ستكون بعد أسبوعين، قبلها قال الدكتور أمجد الحداد، مدير مركز الحساسية والمناعة بهيئة المصل اللقاح في بداية أبريل الفائت إن ذروة تفشي المرض بدأت، وبعدها بنحو أسبوع قال مسؤول اللجنة العلمية بوزارة الصحة الدكتور حسام حسني أن ذروة نفشي الوباء بدأت يوم 3 رمضان وتستمر لمدة أسبوعين.

هذه الجهات من المفترض أنها تعمل بآلية تواصل في الظروف العادية، لكن أزمة كتلك تحتاج تنسيق أكبر، وآلية علمية لترتيب الأوضاع يترتب عليها تجهيز المستشفيات، وزيادة المعامل، لتوقع الأزمة قبل حدوثها وتفادي الأضرار المرتبة عليها. لكن الأمر الواقع يقول إن شيئًا من هذا لم يحدث، وينغي تداركه قبل فوات الأوان.

الأمر الآخر حول استعداد المستشفيات أثاره نادر سعد، متحدث مجلس الوزراء بالحديث عن مستشفيات القوات المسلحة، مؤكدًا أنها ستدخل الخدمة حال خرجت الأمور عن السيطرة. لكن الأفضل دخول المستشفيات المواجهة ولو بشكل تدريجي في الأماكن الأكثر إصابة، لسببين الأول: تخفيف العبء عن مستشفيات وزارة الصحة، والمستشفيات الجامعية، الثاني: تقليل التكدس أمام المستشفيات وبالتالي السيطرة نسبيًا على فرص انتشار العدوى.

وزارة الصحة أيضًا يجب أن تطور أدواتها لمواجهة الأزمة، البيان اليومي للوزارة مثلًا يأخذ الشكل نفسه منذ بداية الأزمة، في السعودية مثلًا يصدر بيان تفصيلي، بأعداد المصابين الجدد، ورقم الحالات الحرجة، وعدد المرضى على أجهزة التنفس الصناعي، فضلًا عن تقسيم البيان للحالات الجديدة بكل محافظة. الآن لدينا حالات بالعزل المنزلي، وأخرى بمستشفيات وزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية. وصدور مثل هذه التفاصيل يُسهل الاستباق وتوقع الازمة، مثل دخول مستشفى للقوات المسلحة في المواجهة، أو ضخ كميات من الكمامات في محافظة ما. أو منطقة بعينها.

المستشفيات الخاصة، دخلت الأزمة بمنطق تجاري بحت، تختار عملائها القادرين فقط، وبعد تحديد وزارة الصحة لمتوسط أسعار للحجز في الغرف العادية أو الرعاية المركزة، انتشرت شكاوى بتحايل بعض المستشفيات على القرار، أو عدم استقبال حالات كورونا واستقبال حالات مربحه أكثر. الحل ببساطة في تفعيل القانون والتفتيش المستمر على هذه المستشفيات ومتابعة تنفيذ قرار الوزارة بحزم.

الأزمة الأخرى التي تزيد الارتباك، الفجوة بين قرار الحكومة أو بيان المسؤول وبين التطبيق الفعلي على أرض الواقع، ويبدو هذا بوضوح في حالتين، الأولى وزارة الصناعة أعلنت في منتصف رمضان عن توفير كمامات قماش بمواصفات خاصة بسعر خمسة جنيهات. وزيرة الصناعة الدكتور نفين جامع قالت قبل يومين إن الكمامات ستتوفر في الأسواق بعد عشرة أيام، استغرقت الوزارة تقريبًا ما يزيد عن شهرًا كاملًا لتوفير الكمامات. وتركت المواطن عرضة للاستغلال، أو استخدام كمامات غير مطابقة للمواصفات لا تغني ولا تحمي من فيروس، والحالة الثانية: اجتماع وزيرة الصحة ومسؤول غرفة الأدوية لزيادة إنتاج الفيتامينات بعد سحبها من الصيدليات. رغم أن الأزمة موجودة منذ أسبوع تقريبًا، قررت الوزيرة الاجتماع اليوم فقط. في الحالتين تحرك المسؤول ولكن توقع الأزمة وتوقيت التدخل بقرار هنا، أو اجتماع هناك سيساهم في حماية أرواح وثروة بشرية.

الأزمة استثنائية، والتعامل معها بآليات اتخاذ القرار العادية لدينا ستكلفنا الكثير، وتدارك الأمور وتصحيح المسار ممكن، شريطة التفكير خارج الصندوق، واستغلال كافة الإمكانيات المُتاحة فورًا؛ والتنسيق الدائم بين الوزارات المشتركة في المواجهة؛ لتمر الأزمة بأقل الخسائر على الجميع.

اقرأ أيضًا

المالية تقرر صرف مرتبات العاملين بالدولة مبكرًا .. تعرف على مواعيد كل جهة (مستند)

كيف تستخدم الكمامات الطبيبة بطريقة صحيحة لمواجهة فيروس كورونا؟

 

 

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى