سلايدرمقالات الرأى

إسلام عزام يكتب .. وعي الشعب vs قرارات الحكومة

 

 

تتعاون الهيئات العامة والخاصة في كل دول العالم؛ لمواجهة تفشي فيروس كورونا. في مصر الوضع مختلف. حرب باردة وخلاف مُعلن بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة حول إجراءات مكافحة كورونا. تخطت الأزمة الفيروس التاجي، ووصلت إلى دعم النقابة لمطالب أطباء التكليف الجدد التي ترفضها بدون سبب وزارة الصحة.

منذ بداية الأزمة كانت تصريحات وزيرة الصحة الدكتور هالة زايد أن مصر تمتلك أفضل بروتكول علاجي في العالم. الفيروس لا يوجد له علاج، وبروتكولات العلاج في العالم كله متشابهة، وتعمل على تخفيف الأعراض التي تصاحب الإصابة بالفيروس. لكن الوزيرة أطلقت على بروتكول مصر الأفضل دون الانتظار حتى لتقييم نتائجه الفعلية على أرض الواقع.

نقابة الأطباء طالبت بتوفير أدوات الوقاية للعاملين في القطاع الطبي بكافة المستشفيات. واقعيًا الطلب منطقي، كيف سيعرف الطبيب والممرض المُتعامل مع حالة ما أنها مصابة بفيروس كورونا أو غير مصابة؟

وزارة الصحة أبقت على آلية التعامل الخاصة بتقسيم المستشفيات إداريًا في مصر، لكن الأفضل في أزمة كتلك. أن تتعاون جميع المستشفيات الجامعية والتابعة لوزارة الصحة، ومستشفيات القوات المسلحة ووزارة الداخلية. ليتم تعميم بروتكول واحد في الفحص والتحليل والمتابعة.

كان يجب على وزارة الصحة من البداية أن تخصص دورًا منفصل، لحالات الاشتباه والعزل في كل مستشفى، حتى لا يحدث تكدس في مستشفى عزل واحد كما يحدث في مستشفى الحميات. وحتى لا تزيد الأعداد والعدوى؛ خاصة أن 40% من الحاملين للفيروس بدون أعراض. وفترة حضانة المرض كبيرة. وتمتد لأسبوعين قبل ظهور الأعراض. ويكون الشخص المصاب معديًا لكل المتعاملين معه طوال تلك الفترة.

الأزمة الأخرى في مواجهة الحكومة لتفشي فيروس كورونا، إجراء التحاليل. أوصت منظمة الصحة العالمية في بداية الأزمة بالتوسع في إجراء التحاليل. وطالبت مصر رسميًا بالتوسع في إجراء التحاليل. كل الدول التي توسعت في إجراءات الفحص وعزل المصابين نجحت في السيطرة على تفشي الفيروس. وبالتالي تقليل الخسائر البشرية والوفيات. ومحاولة الخروج بأقل الخسار اقتصاديًا.

في مصر لم تطبق الحكومة الإغلاق الكامل، وقال مجلس الوزراء إن الدول التي طبقت الإغلاق الكامل لم تختلف فيها الأرقام كثيرًا. ولم تتوسع الحكومة في تطبيق فحوصات الـ pcr الخاصة بالفيروسات. وهو التقنية الوحيدة المتعمدة عالميًا لصنع نسخ متعددة من شريحة معينة من الحمض النووي بسرعة، وتحديد الإصابة بدقة.

الأسبوع الفائت مرض رجل خمسيني، طلب منه طبيب يعمل بعيادة ملحقة بمسجد بمنطقة دار السلام، وهو أحد الأحياء شديدة الكثافة السكانية، الذهاب لتحليل فيروس كورونا، الرجل استجاب وذهب للتحليل، بعدها بأربع أيام توفى الرجل رحمه الله. بعد الدفن بثلاث أيام طلبته الوزارة؛ لتبلغه أن الحالة إيجابية. زوجته قالت لمسؤول الوزارة أنه توفى ودفن، وأقيم عزاء، وطلبت السيدة إجراء التحليل لأولادها، ليرد مندوب الوزارة قائلًا لها: “اللي تظهر عليه الأعراض يروح الحميات”.

الدكتور إيهاب عطية مدير إدارة مكافحة العدوى، أرسل بيانًا للمستشفيات بعدم إجراء تحليل الـ pcr ، ورفض عمل تحليل لأي حالة إلا في حالة ظهور الأعراض. رغم إصرار الوزارة على تضمين هذه الجملة في بيانها اليومي “وذلك ضمن إجراءات الترصد والتقصي التي تُجريها الوزارة وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية”. كيف ستتقصى الوزارة وهي ترفض إجراء التحاليل؟

الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، ربما لأن تخصصها أستاذة نساء وتوليد، أصدرت تعليمات للمستشفيات بـ “تفعيل الفرز البصري للمريض”، فحص النساء الحوامل شيء، وفحص مريض مُصاب بفيروس قاتل شديد العدوى شيء أخر!

ورغم إثبات التجربة عدم جدواها، وحدوث إصابات كبيرة بين العاملين بالقطاع الطبي. في مستشفى المطرية التعليمي، أجريت 30 مسحة ظهرت 25 مسحة إيجابية وحاملة للفيروس. والمستشفى في انتظار نتيجة 100 مسحة أخرى، مستشفى الساحل التعليمي بها 24 طبيب، و20 ممرض مصابين بالفيروس، ومستشفى الزهراء الجامعي بها 49 طبيب مصاب. الأمر نفسه حدث في معهد الأورام. والقصر العيني، والمنصورة الجامعي وغيرها من المستشفيات.

لكن وزيرة الصحة رفضت تعميم التحيل للمخاطين في بداية الأزمة، واستمرت القرارات الغربية برفض التحليل للمخالطين من القطاع الطبي. واكتفت بتوجيه التحية لهم. لكن مطالب نقابة الأطباء واضحة ومنطقية وتوجيه التحية للعاملين حال تفشي الفيروس بين العاملين في المستشفيات لن يفيد. من سيعالج المرضى ويأتينا بماء معين من أفضل بروتكول في العالم؟

الحكومة بكافة وزارتها اتخذت كل القرارات تحت ضغط الأزمة، لم يكن لدى الحكومة سيناريو مستقبلي، وقراءة بالواقع، مجلس الوزراء علق الطيران متأخرًا. وقرار تعليق الدراسة تم بضغط شديد من أولياء الأمور؛ خوفًا على أبنائهم.

ولم ترد الحكومة على مطالب نقيب المسعفين بضم هيئة الإسعاف إلى زيادة بدل المهن الطبية، ولا مطالب نقابة الأطباء بمعاملة المتوفين من القطاع الطبي أثناء مواجهة كورونا بقانون الشهداء. وحتى الأطباء العاملين بمستشفيات العزل اشتكوا من عدم صرف البدلات المقررة لهم. ما دفع أمين نقابة الأطباء للتساؤل حول خطابات النقابة ووصولها لرئيس مجلس الوزراء والاستفسار في التأخر في الرد عليها.

وقبل أن تتوسع الحكومة في إجراء التحاليل؛ لمعرفة حجم التفشي الفعلي للفيروس في مصر، أصدرت خطة للتعايش مع كورونا. أتفهم رغبة الحكومة، في استمرار الإنتاج لوقف نزيف الاحتياطي النقدي، لكن أغلب بنود الخطة غير قابلة للتطبيق الفعلي.

وزير الإنتاج الحربي، اللواء العصار قال إن بعد رفع إنتاجية مصانع الكمامات، ستصل الوزارة لإنتاج 4.5 مليون كمامة في اليوم. الأسبوع الماضي تحدث رئيس العاصمة الإدارية محمد عبد المقصود، وذكر أن عدد العاملين في الحي اللاتيني فقط 50 ألف عامل ومهندس وسائق. لو فرضنا أن العامل أو المهندس كل يوم سيحتاج كمامتين؛ مشوار العمل ذهابًا وعودة، ويُرشد استخدامه طوال اليوم. مؤكد سيخلع الكمامة؛ إما للوضوء أو تناول الطعام. السؤال هنا، كم مشروع في العاصمة الإدارية فقط، وكم كمامة نحتاجها ـ ونستطيع توفيرها ـ كل يوم؟

الأمر الأهم مع توفر الكمامات، الأسعار. الحكومة فرضت تسعيرة إجبارية على بيع الكحول والكمامات؟، الكحول يباع بضعف ثمنه، والكمامات غير متوفرة أصلًا، وتباع بخمسة وسبعة جنيهات.  كيف سيمكن تطبيق الغرامة على المواطنين لعدم ارتداء الكمامة. بينما لم توفرها الحكومة بسعر التكلفة. وبات الالتزام باستخدامها يحتاج ميزانية خاصة؟

ومع خطة تعايش كورونا، وبعد التوسع في إجراء التحاليل، وتوفير الكمامات والكحول بأسعار مناسبة، يمكن تطبيق ما فعله المستشار عمر مروان وزير العدل. في بداية الأزمة، طبقت الوزارة ميعادين بفرق ساعة لحضور الموظفين، والانصراف على ميعادين بفرق ساعة أيضًا. لو نسقت الوزارات بنفس الطريقة وزيادة فرق الساعة. أو العمل على أيام بالتبادل، أو الجمع بين الاقتراحين. يمكن التحكم نسبيًا في الزحام. مع مراعاة الموظفين كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

بيانات الحكومة، لا تتفق مع الواقع على الأرض، في بداية أزمة الكورونا، أكد وزير المالية أن الإصلاح الاقتصادي مكن مصر من التصدي للازمة، وبعد أيام أكد البنك المركزي أن مصر صرفت 3.1 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، وبعدها طلبت الحكومة قرضًا جديدًا من صندوق النقد.

الواقع يقول أنَّ مصر لن تتمكن من فرض إغلاق كامل، وتجارب الدول التي تفشي فيها الفيروس تؤكد أن أي خطة دون آليات تنفيذ ورقابة صارمة لتطبيقها. ستكون مقامرة بحياة الشعب وبمقدرات الاقتصاد. مقامرة لن يفرق معها من المخطىء، وعي المواطن المستهتر، أو قرارات الحكومة المتأخرة أحيانًا، والمرتبكة أحيانًا أخرى. يجب أن تعمل الحكومة على قراءة الموقف بصورة أكبر. وتتوسع في إجراء التحاليل مهما كانت التكلفة المادية. وتجهز سيناريوهات بديلة لكل موقف. ويجب أيضًا أن يتعاون المواطنين باستخدام كافة الإجراءات الاحترازية لتمر الأزمة بأقل الخسائر على الجميع.

اقرأ أيضًا 

الداخلية: سنطبق حظر التجول بحزم ومراقبة الأسواق لمنع التلاعب في الأسعار

من بينها الصيدليات والسوبر ماركت .. فئات مستثناة من قرارات الإغلاق في العيد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى