تقاريرسلايدر

كورونا تجعل حياة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم أكثر صعوبة

الأباء يعانون من صعوبة متابعة تعليم أبنائهم والتعامل معهم والحفاظ عليهم من الأخطار

كتب- سليم سامي:

بعد أسابيع من الإجراءات الاحترازية الصارمة للحد من انتشار فيروس كورونا، يعيش البشر فى العالم كله فى تضييق كبير على أنشطتهم وحياتهم بجانب الصعوبات الأخرى الناتجة عن إغلاق الاقتصاد والذى دفع عشرات الملايين إلى الانضمام لقوائم العاطلين، تبدو الصورة أكثر قتامة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم.

محمد، 14 عاماً، مصاب بالتوحد، ويعيش في فرنسا التى تطبق إجراءات صارمة للعزل والتباعد الاجتماعي حمل معولاً وبدأ يضرب جدران منزله محاولاً الخروج مبرراً تصرفه بأن البقاء في المنزل أصبح أمراً صعباً.

الأطفال ذوو الإعاقة معرضون بطبيعة الحال للإصابة بفيروس كورونا وربما بدرجة أكبر من غيرهم لاعتمادهم على الغير في حياتهم بجانب أن البقاء في المنزل يشكل قيداً صعباً لأنه يسبب في تأخر فئات كثيرة منهم بجانب أن تعرض الأباء لخسارة وظائفهم خطر أخر يشبه خطر الإصابة خصوصاً أن رعاية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج لنفقات أكبر ممن الطفل العادي.

صلاح والد محمد قال إن واقعة رغبة ابنه فى تحطيم المنزل انتهت ولكنه لا يزال يشعر بالغضب من البقاء فيه، خصوصاً أن والدته تعمل في دار رعاية مسنين، وكانت في إجازة مرضية بعد إصابتها بفيروس كورونا وكان عليها الحياة معزولة عن أفراد الأسرة رغم وجودها في نفس المبنى بينما كان محمد يعانى لأنه مرتبط بوالدته بدرجة كبيرة، ورغم أن أفراد الأسرة أخبروه بأنها مريضة إلا أنه كان يحاول الصعود إلى الطابق الثاني لرؤيتها.

بعض الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أصيبوا بصدمة بسبب الإجراءات الاحترازية والعزل الصحي خصوصاً أنهم غير قادرين على استيعاب الأزمة التى يعيشها العالم وفجرت هذه البيئة الجديدة مشاعر عنف وعدم فهم ومشاحنات ونوبات الذعر، لحرمانهم من أصدقائهم ومعلميهم وروتين الحياة الذى يجلب لهم الاطمئنان.

إجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في فرنسا، مرت عليها 40 يوماً وتنتهى تدريجياً بعد 11مايو الجارى على الأقل، إذ أنها من أكثر الإجراءات صعوبة في أوروبا.

يحتاج محمد خلال وجوده في منزله لانتباه ورعاية متواصلين حتى لا يؤذى نفسه، لكنه يتعرض في سبيل ذلك للوم متكرر ما يزيد الوضع صعوبة ويعترف والد محمد بأن رعايته مرهقة خصوصاً أنه يعمل فى الوقت نفسه مهندس اتصالات من المنزل، كما يعتني بشقيقى محمد 12 و8 أعوام.

كورينتين سانت فير جارنوت، مدرس محمد يبذل جهداً كبيراً لمساعدة محمد ويوضح ظروفه بقوله إنه إذا تم تغيير حياة شخص مصاب بالتوحد مثل محمد فإنه سيشعر بأن أحواله باتت معقدة جداً وسيبدأ بالشعور بالوحدة وقلة النشاط لذا يتصل بى عدة مرات في اليوم لشعوره بالحاجة للمساعدة.

أوريلي كوليه، مديرة المعهد الذى يدرس فيه محمد لأنه يقدم خدمات تعليمية وعلاجية متخصصة لعشرات الأطفال الذين يعانون من الإعاقات المختلفة،قالت  إن بعض المراهقين لم يستوعبوا قواعد الإغلاق في البداية، واستمروا في الخروج، ومن تعودوا على الاندماج جيداً في فصولهم عزلوا أنفسهم في غرف نومهم، ومن جهتنا قام بعض موظفينا بتطوير أدوات لمواصلة التواصل والعمل مع الأطفال، ومنها ما يتم من خلال السويشيال ميديا.

وبدأ صلاح في أخذ محمد لممارسة ركوب الدراجات خارج المنزل لبعض الوقت، وهو شيء كان يفعله من قبل، ويعتبره صمام أمان إذ أنه يشعر بسعادة خلال انطلاقه بالدراجة، كما يساعد معلمه كورينتين الأسرة على إيجاد حلول ولأن ممارسة محمد للعبة كرة القدم مع شقيقيه في حديقة المنزل أمر صعب لأنها معقدة بالنسبة إليه.

يذكر أن ماكرون أعلن أنه سيتم إعادة فتح المدارس “تدريجياً” اعتباراً من 11 مايو/أيار المقبل، لكن السلطات لم تقدم تفاصيل بعد عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

الأطفال الذين يشبهون محمد يصل عددهم فى فرنسا إلى 70 ألفا يتلقون تعليم متخصصاً حسب حالتهم.

أما توماس، 17 عاماً، وبيير، 14 عاما، وهما شقيقان لديهما إعاقة ذهنية فيذهبان إلى نفس معهد، ويعنيان من عدم استقرار بسبب الإغلاق، من جهة توماس يشعر بالقلق لأنه لا يعرف متى ينتهى الإغلاق، وكيف سيستأنف حياته بعده كما يعانى من بعدم استيعابه للوباء، كما يعانى من قلق حول مستقبله، بجانب مشكلات مثل تأجيل تدريب كان سيحصل عليها فى الصيف.

يقول والدا توماس وبيير إنهما مع بداية تطبيق الحجر الصحي كانا الطفلان يظنان أنهما فى إجازة وكانا يلعبان طوال اليوم ويتواصلان مع أصدقائهما، ثم نظمت الأسرة لهما أنشطة على مدار اليوم.

يعانى بيير من كوابيس أكثر من المعتاد، ومزيد من المشاحنات الأسرية سببها البقاء فى المنزل ويفتقد بيير زراعة حديقة المنزل وغرس بذور الفجل في الأواني.

خلال الحظر الصحي يمكن مغادرة المنزل فقط للحصول على الخدمات الأساسية، مثل شراء الطعام أو الذهاب إلى الطبيب، ويجب البقاء قرب المنزل في جميع الأحوال.

أما لوبو، 9 أعوام والذي يعيش في مدينة ميلانو الإيطالية، فيلجا إلى ممارسة لعبة فيديو بهدف التسلية، وليس أمامه سوى ساعة واحدة يمكنه خلالها اللعب فى الأماكن العامة بشرط أن تكون قرب منزله وإلا تعرض والداها لغرامة ويعترف والدا لوبو المصاب بالتوحد بأن رعايته خلال الحجر الصحي عبء كبير.

في الولايات المتحدة الأمريكية، يحاول المعلمون ابتكار طرق جديدة لتقديم دروس متخصصة عن بعد، خصوصاً أن أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة يقومون بتعليم أبنائهم فى المنزل وعلاجهم ومتابعة دروسهم العملية وإدارة السلوك، ويخشى المعلمون من أن يقضي بعض الأطفال المصابين بالتوحد أشهراً في إعادة تعلم المهارات التى قد يفقدوها خلال فترة الإغلاق.

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى