مقالات الرأىسلايدر

عبد الله السـبع يكتب .. الغرب يبيعُـنا الإعاقات بفلوسنا

 

 

تماهيًا مع كلام شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي قاله خلال “مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الديني”، في تعقيبه على كلمة رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت. حيث تضمن كلام فضيلته تعليقًا على أن الغرب يبيع لنا أسلحة ندمر بها مجتمعاتنا، وقد قال د. الطيب نصًّا: ” لا أحدثك عن الأسلحة التي تُباع لنا.. فنحن نشتري الموت بفلوسنا”

والحقُّ أن كلام فضيلته دفعني لأَمدَّ الخطَّ على استقامته؛ لألتقط ملمحًا آخر يتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة الذين أهتمُّ بالكتابة عنهم. ومبدئيًّا؛ فقد سبَقنا الغرب بكثرة الاختراعات التي تُعين تلك الفئة على تجاوز إعاقاتهم. فأحدث الأجهزة التعويضية التي تُمكِّن من فقدوا أطرافهم من الحركة بسهولة، قد تكون صناعة ألمانية. وأحدث التقنيات لمساعدة من فقدوا البصر أو السمع، قد تكون أجهزة سويسرية أو أمريكية أو إنجليزية.

إعفاء الموظف ذوي الإعاقة أو من يرعى معاق من 50% من ضريبة الدخل .. تعرف على الشروط (مستندات)

هذا بخلاف الخِـدْمات العديدة التي يُوفِّرها الغرب اليوم لتلك الفئات من ذوي الظروف الخاصة؛ كي يتمكنوا من مواصلة حياتهم بشكل شبه عادي، من خلال تخصيص: أرصفة خاصة لسيرهم، وسيارات مجهزة لتنقلاتهم، وطُرق محدَّدة يستطيعون القيادة عليها من دون أي خطرعليهم، وهذا بالطبع مجهود يُحمَد لتلك الدول، لكنا هـلا تفكـرَّنا قليلا في أن الكثير من الإعاقات التي تعانى منها البشرية اليوم، سببها الغرب أيضًا!

أوَ ليست النسبة العظمى من الأطراف المبتورة؛ ناجمة عن قنابل وألغام صنعها الغرب؟! أوَ ليست الآذان التي أُصيبت بالصمم، والعيون التي ذهب ضياؤها؛ وجرى لها ما جرى، كان ذلك سببه عدوان الغرب على أوطاننا، وقصفه لها بأطنان المتفجرات ومئات الصواريخ؟

فنلندا تخصص 4 ملايين يورو لإعادة تأهيل ذوي الإعاقة بسوريا

وحتى لو كان العدوان يجري بأيدينا نحن، أوَ ليس الغرب هو من تعمل مصانعه ليل نهار لإنتاج الأحدث من الأسلحة الفتاكة، ثم تقوم حكوماتهم بتزويد جميع أطراف النزاعات في كثير من البلدان والمناطق بأطنان الأسلحة؛ ليُبيدوا بعضهم البعض بأياديهم! ثم بعد ذلك يُحدثوننا عن حقوق الإنسان، وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وضرورة رعايتهم؟

وللتذكير فقط، فإنَّ الحربين العالميتين: الأولى والثانية – اللتين يعتبرهما المؤرخون أكبر النزاعات دموية في العصر الحديث – خلَّفتا من الموت والدمار ما يفوق أي نزاع سابق، واستُخدمتْ فيهما أسلحةٌ وأساليب تدميرية جديدة؛ بما في ذلك الأسلحة الكيميائية التي أتت على الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل لعقود.

وكانت لتلك الحربين عواقب إنسانية مروعة، لا تزال بعض مناطق العالم تُعاني من ويلاتها إلى اليوم!، وللقارئ الكريم أن يقومَ بعمل بحث معلوماتي على أحد محركات البحث؛ ليكتشفَ كَمّ المذابح التي وقعت، وملايين المصابين الذين فقدوا أطرافهم أو جزءًا منها، أو أصيبوا بالشلل، أو أصيبوا بالعمى أو بالصمم، هذا بالطبع غير ملايين القتلى في صفوف العسكريين والمدنيين!

الجامعة العربية تطالب بضرورة إيجاد قواعد بيانات لذوي الإعاقة

ولماذا نذهب بعيدًا عن عالمنا العربي، فإن تقارير منظمات إنسانية تشير إلى أن الحرب الجارية الآن على أرض سوريا، والتي تدخل عامها التاسع، خلَّفتْ مشاكل تفوق الوصف بداية من التشرد، وليس نهاية بأعداد مبتوري الأطراف نتيجة القصف الهمجي بشتى أنواعه وانفجار الألغام المنتشرة في كل بقاع سوريا تقريبًا. وتقول المنظمات المهتمة إن هناك عشرات الآلاف من السوريين الآن يحتاجون إلى عمليات جراحية وأطراف صناعية وإعادة تأهيل!!

وكان رئيس “رابطة الأطباء الدوليين” غير الحكومية، الدكتور “مولود يورت سَـڨَن”؛ قد قال: إن نِسَب إصابات الساق وبتر الأذرع بسوريا هي الأكبر في العالم منذ الحرب العالمية الثانية!

أما في اليمن وليبيا؛ فلا توجد إحصائيات دقيقة ومُعلنة لِمَا خلفته النزاعات هناك. وبالطبع؛ فأوضاع البلدين ليستا بأفضل حال، فالكلُّ في الهمِّ سواء! وقد ذكرت “المنظمة الدولية للمعاقين” أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة؛ بات هناك الملايين من أصحاب الاحتياجات الخاصة؛ بسبب الحروب التي يشهدها العالم العربي!!

العفو الدولية تكشف عن الأزمة الأسوأ إنسانيًا: 4.5 ملايين يمني من ذوي الإعاقة

تقول “رجاء المصعبي” سفيرة النوايا الحسنة للسلام الدولي، والخبيرة الدولية بحقوق ذوي الإعاقة: “الأعداد الكبيرة من المعاقين بسبب الحروب في المنطقة العربية؛ تُشكِّل صعوبات إضافية للمؤسسات التي تعمل على دعم ومساندة ذوي الإعاقة”.

ووَفْقًا لأرقام رسمية سابقة – لم يَجر تحديثها خلال سنوات الحرب – فإن تعداد المعاقين في اليمن كان يبلغ قرابة ثلاثة ملايين نسمة، أي ما يعادل 12 % من نسبة سكان الجمهورية اليمنية. واليوم، ربما يكون هذا العدد مضروبًا في ثلاثة أمثاله على الأقل!!

وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت تقريرًا لها في عام 2018م؛ بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة؛ قالت فيه: “إن أربعة ملايين ونصف مليون يمني من ذوي الإعاقات يتعرضون للتجاهل والخذلان في بلد فقير دمرته خمس سنوات من الحرب الأهلية”!

الجامعة العربية: الصراعات المسلحة أدت إلى زيادة أعداد المعاقين

كل هذا يقع على أراضينا؛ ثم يخدعنا الغرب كل عام بالاحتفال بيومٍ خصصته الأمم المتحدة؛ باعتباره يومًا عالميًّا لذوي الاحتياجات الخاصة! وتتناسى حكومات الغرب أن أكثر تلك الإعاقات في أوطاننا ناجمة عن تدخلاتهم غير المشروعة في منطقتنا!

وأظنني لا أبالغ إن قلتُ: إن الغرب، بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، له سجل دمويٌّ حافل يَصعُب محوه عبر الزمان! من نچازاكي إلى هيروشيما، ومن ڨيتنام إلى أفغانستان، أما الحديث عن تمزيق العراق بعد غزوه في العام 2003م؛ فلا يحتاج مني إلى مزيدِ بيان!

والغريب والعجيب: أن أمريكا تَغُضُّ الطرف عن كل ذلك، وتُصنِّف – وَفْق هَواها – بعض الدول ضمن محور الشر وتَصِمُهم بالإرهاب؛ ولو أنصف المؤرخون لمنحوها هي لقب: “زعيمة الفساد والإفساد في الأرض”!

اقرأ أيضًا 

منشور من الجمارك لمنح ذوي الإعاقة تسهيلات جديدة (مستند)

قرار بزيادة أسعار تذاكر القطارات وتخفيض 50% لذوي الإعاقة والمرافقين

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى