قصتي

” متوحدون لأجلهم ” .. مبادرة موريتانية لتبادل الخبرات بين السيدات

تابعت مينة بانمو السيدة الأربعينية ابنها يكبر شيئا فشيئا أمام أعينها وبين إخوته، إلى أن أصبح عمره سنتين ونصف السنة، ولاحظت أن لدى الطفل تصرفات وطباعا لم تعهدها عند الأطفال، فأيقنت بأنه مصاب بشيء ما.

عجزت مينة عن معرفة نوع إصابة الطفل في البداية، فقادها بحثها إلى زيارة من يعتبرون في موريتانيا من الصالحين، لكن الزيارة لم تصل شيء وعجز “العراف” أن يعرف كما تقول بابتسامة وعيون تبكي في آن واحد.

كان الأطباء في كل مرة يفحصونه فيها، يقولون إنه لا يوجد لديه أي مرض، في حين يؤكد من تقابلهم مينة من المجتمع أن الطفل ربما به مس من الجن.

أمام هذه الحالة وجدت مينة بانمو نفسها في مشكلة حقيقية وهي تنظر إلى صغيرها يأخذ منعطفًا جديدًا، دون أن تقدر على صنع شيء له من أجل إرجاعه إلى طبيعته.

في رحلتها إلى تونس، عرفت أخيرا المرض الذي يعاني منه ابنها، حينها كانت لأول مرة تتعرف على مرض التوحد، وظنت لفترة أنها وحدها في تلك المشكلة.

تقول مينة بانمو “في البداية لم أكن أقدر على الحديث عن الموضوع للناس، إلا أنني تعرفت على نساء في تونس لديهن أبناء مصابون بالتوحد، وأصبحن صديقاتي”.

أسست مينة مجموعة على تطبيق الواتساب خاصة لأمهات الأطفال المتوحدين، يعبرن فيها عما لا يقدرن على قوله في الأسرة وللغير.

واعتبرت أن تلك المجموعة ساعدتهن على فهم المرض والتخلص من الشعور الذي كان ينتابهن، وبدأن يتأقلمن معه بسبب نقاشاتهن وتبادل تجاربهن.

تطورت مجموعة الواتساب إلى فكرة منظمة على أرض الواقع تهتم بأطفال التوحد، وتوعية الأمهات بالمرض، وكيفية التعامل مع المصابين به، وأطلق على المنظمة اسم “متوحدون لأجلهم”.

تعتبر مينة بانمو أن حادثة اعتداء على ابنها في تونس بمركز للمتوحدين جعلها تقرر العودة إلى الوطن، وتحاول الوقوف مع صديقتها من أجل التخفيف عن الأسر التي تقول إنها تعاني بسبب نظرة المجتمع وبسبب الشعور بالعجز إزاء ما يحصل لأبنائها.

سجلت الجمعية 142 طفلا مصابا بالتوحد بين 3 و19 سنة، ومن أجل تكوين هؤلاء ومساعدتهم على التأقلم وتحسين قدراتهم في التواصل اعتمدت الجمعية برامج مع مختصين، وأنشأت غرفا خاصة في مقرها الرئيسي لهؤلاء.

وتطمح بانمو إلى أن تتمكن في المستقبل القريب من توسيع نشاطات جمعيتها، لتشمل تأسيس مراكز مختصة بالتوحد، معتبرة أن المجتمع لا يزال بحاجة إلى التوعية لكي يفهم التوحد.

وأتمت أن أطفال التوحد يعانون هم وأسرهم بصمت، لذلك جمعية “متوحدون لأجلهم” ستظل تتحرك حتى تصنع الفرق.

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى